إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



نتنياهو "يستعطف" يهود أميركا والمحافظين

السبت 25/7/2009
برهوم جرايسي- "العرب" القطرية

واجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في الأيام الماضية، سلسلة من الانتقادات، وبشكل خاص من صناع الرأي العام في إسرائيل، من محللين وكتاب، وذلك على خلفية مواجهة قادها نتنياهو، في الأيام الأخيرة، مع الإدارة الأميركية حول رفض واشنطن لمشروع استيطاني جديد في القدس المحتلة.
ويدور الحديث عن مشروع استيطاني أقرته حكومة الاحتلال، ويشمل 20 بيتا استيطانيا كمرحلة أولى من أصل 360 بيتا، في منطقة "الشيخ جراح" في المدينة المحتلة، وكما تبين لاحقا، فإن نتنياهو سرّب للصحافة الإسرائيلية خبر استدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن إلى وزارة الخارجية الأميركية، في نهاية الأسبوع الماضي، لتوجيه احتجاج الإدارة الأميركية ورفضها لهذا المشروع ومطالبة الحكومة الإسرائيلية بوقفه.
وبعد ساعات من ظهور النبأ، قال نتنياهو في افتتاح جلسة حكومته الأسبوعية، "أود التأكيد مرّة أخرى أن القدس الموحَّدة هي عاصمة الشعب اليهودي ودولة إسرائيل. إن سيادتنا فيها غير قابلة للتشكيك مما يعني أنه يحق لسكان القدس اليهود شراء الشقق السكنية في كافة أجزاء المدينة".
ولم يكتف نتنياهو بهذا، بل بعث بوزراء مقربين منه في حكومته، لمهاجمة الإدارة الأميركية، ومن بينهم أقرب المقربين، الوزير غلعاد أردان، الذي قال، "لأسفي أقول إن لدي شعور بأن الإدارة الأميركية تسعى إلى مواجهة وشقاق مع الحكومة الإسرائيلية، ومن الغريب أن تطلب الإدارة الأميركية
التدخل في أملاك خاصة في القدس".
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي، ألوف بن، الخبير في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، في مقال له في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، "إن نتنياهو يتحدى الأميركان، الذين نقلوا احتجاجا هادئا وبمستوى "وظيفي منخفض"، ضد مشروع البناء في الشيخ جراح، لأن الأميركان أرادوا إبقاء الموضوع هادئا، إلا أن رئيس الحكومة اختار البوح به وإطلاق تصريحات مثل: لن نقبل بأي قيود على السيادة في القدس، وحتى أنه تفاخر كيف وقف أمام الإدارة الأميركية (عام 1997) في قضية مستوطنة هار حوما (في القدس المحتلة)".
وتقريبا، بالإمكان القول إن جميع المحللين استخدموا كلمة "تحدي" لوصف رد فعل نتنياهو على موقف الإدارة الأميركية، ولكن فعليا فإن نتنياهو وإن كان يتحدى الإدارة، فإنه بادر إلى محاولة جديدة لإثارة قوى اليمين من بين الأميركان اليهود، والقوى المحافظة في الولايات المتحدة، رغم أن تأثير الأخيرة تراجع، من أجل التصدي لسياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما وطاقم البيت الأبيض، كما أن نتنياهو سعى وبقدر ما، لإثارة قوى اليمين الإسرائيلية، التي لا تحتاج لتحريض نتنياهو حتى تعارض سياسة الإدارة الأميركية الحالية.
فتصريحات نتنياهو جاءت بعد أسبوع على لقاء الرئيس باراك أوباما برؤساء منظمات أميركية يهودية في البيت الأبيض، ومما صدر عن ذلك اللقاء من تسريبات، أن رؤساء هذه المنظمات اليهودية، أجمعوا على ضرورة أن تضغط الإدارة الأميركية على الحكومة الإسرائيلية من أجل أن توقف الاستيطان.
وهذه معلومات قريبة جدا للحقيقة، إذ أنها تتوافق مع نتائج استطلاعات أخيرة، أشارت إلى أن أكثر من 75% من الأميركان اليهود يؤيدون إقامة دولة فلسطينية، ووقف الاستيطان، ويرفضون أن يصطدم رئيس حكومة إسرائيلية مع الإدارة الأميركية، وهذه نسبة ليست مفاجئة، بل تقليدية ومعروفة، ولكن الأقلية الأخرى، أي تلك التي ضمن الـ 25% من اليهود، هي الأكثر حراكا سياسيا، ومعها غالبية كبار أصحاب رأس المال اليهود.
ولهذا فإن نتنياهو تخوف أيضا من اتساع الرفض لسياسته في الشارع الأميركي، وسعى إلى إثارة القوى اليمينية من بين اليهود، والى جانبهم القوى المحافظة، مكررا بذلك تجربته السابقة مع الإدارة الأميركية برئاسة بيل كلينتون، في النصف الثاني من سنوات التسعين، حينما اصطدم نتنياهو حين كان رئيسا للحكومة، وكما يبدو فإن نتنياهو يريد إعادة الكرّة مرّة أخرى، من أجل إثارة القوى اليمينية والمحافظة في الولايات المتحدة، وخاصة في الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ.
وكما يبدو فإن نتنياهو لا يريد الإنصات إلى ما نصحه به السفير الأميركي الأسبق في إسرائيل مارتن إنديك، وهو يهودي ورئيس مركز "سبان" في الولايات المتحدة، إذ قال في مقابلة صحفية، قبل فترة قصيرة، "إن بيبي (بنيامين نتنياهو) يعاني من حقيقة أن الكثيرين في الإدارة الأميركية يعرفونه جيدا وأكثر من اللازم، فقد كانوا أيضا في فترة كلينتون، وهم لا ينسون ما كان، لا أعلم ما إذا هذا سيؤثر على أوباما، فهو الشخص الذي يقرر رأيه بنفسه، ولهذا فإن بقدرة نتنياهو أن يبني علاقة مبنية على الثقة، والشرط هو أن يفعل ما يقال له".
ومن المعروف أنه في تلك الفترة حفر نتنياهو من تحت بيل كلينتون، ولم تكن صدفة اتهام نتنياهو واللوبي الصهيوني اليميني في حينه، بأنهم وقفوا من وراء فضيحة كلينتون مع سكرتيرته لوينسكي.

وتابع إنديك قائلا، "لقد جاء نتنياهو إلى واشنطن (في شهر مايو الماضي)، إلى مدينة أخرى (واشنطن) غير تلك التي عرفها في العام 1996، ففي حينه كان للجمهوريين أغلبية في الكونغرس ومجلس الشيوخ، ونتنياهو يعتبر نفسه جمهوريا أكثر من كونه ليكوديا (نسبة لحزب الليكود الذي يرأسه)، وينظر إليه الجمهوريون على أنه واحدا منهم، أما اليوم فإن الجمهوريين في وضع صعب، وأوباما كسياسي مجرب يفهم هذا".
حتى الآن من الصعب الحكم على حقيقة الموقف الأميركي الفعلي، والى أين سيقود الخلاف المعلن بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، ونحن في خضم عاصفة من الأنباء والأنباء المناقضة لها، حول "تراجع" أو "ثبات" الإدارة الأميركية، في موقفها من الاستيطان، وسبل دفع العملية التفاوضية، ولكن كما يقول محللون إسرائيليون فإن نتنياهو عادة إلى "عصبيته" المعروفة، والحراك بعصبية تجعله يقع في الأخطاء، وإذا ما سعى نتنياهو حقا إلى زعزعة مكانة الإدارة الأميركية من داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ، فمن المؤكد أن أوباما وأعضاء فريقه لن يقفوا جانبا، فمشاهد كلينتون المحرجة ماثلة أمامهم، وإن نسوا، فالزوجة هيلاري حاضرة لتذكر، وهذا ما ستوضحه الفترة المقبلة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر