إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



"متمردو" حزب العمل مجموعة غير متجانسة وحدتها مؤقتة

الثلاثاء 8/9/2009
برهوم جرايسي- "المشهد الاسرائيلي"

مع اقتراب افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، بعد نحو خمسة أسابيع، في اليوم التالي لانتهاء فترة الأعياد العبرية، ستسلط الأجواء أكثر على التحرك الحزبي في داخل الحلبة البرلمانية، فهذه الدورة ستكون خلافا لكل الدورات، لن تنشغل إطلاقا بميزانية الدولة للعام المقبل، كما جرت العادة على مر ستين عاما، بعد أن أقر الكنيست في الدورة الصيفية السابقة ميزانيتي العامين 2009 و2010 في آن واحد.
وحتى الآن ليس واضحا كيف ستتطور الأمور على الصعيد السياسي والنقاش الداخلي في حزب الليكود الحاكم، من مسألة ما يظهر وكأن لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو توجه لتجميد مؤقت للاستيطان، ولكن ما هو واضح حتى الآن، أن الأزمة في حزب "العمل" المتهاوي بزعامة الوزير إيهود باراك، ستتأجج أكثر، وذلك على خلفية تحركات أربعة أعضاء كنيست من الرافضين للانضمام إلى حكومة بنيامين نتنياهو، لتشكيل إطار سياسي خارج البرلمان، ليكون غطاء لتحركاتهم، إلى حين يجدوا نائبا خامسا، يسمح لهم بالانشقاق كليا عن الكتلة، حسب الأنظمة البرلمانية، أو أن ينجحوا في الحصول على قرار داعم من المحكمة العليا يسمح لهم بالانشقاق، حتى وإن لم يجتازوا نسبة ثلث الكتلة البرلمانية.
ويذكر أن الرفض المبدئي للانضمام إلى حكومة نتنياهو كان بداية لدى غالبية النواب الثلاثة عشر في الكتلة، سبعة ضد وستة موافقين، إلا أن باراك "نجح" في إقناع البروفيسور أفيشاي برافرمان بالتراجع عن معارضته، بعد وعده بإسناد منصب وزاري من دون حقيبة، ليتم تكليفه لاحقا بما يسمى "ملف الأقليات"، من دون صلاحيات أو حتى وزن سياسي وإداري.
وبعد أن انتزع باراك قرارا من مؤتمر الحزب بأغلبية ليست كبيرة للانضمام إلى الحكومة، أعلن نائب آخر، وهو دانييل بن سيمون، الذي جاء من عالم الصحافة، وصحفي صاحب شهرة في صحيفة "هآرتس"، أنه سيلتزم بقرار المؤتمر، وأسند له منصب رئيس الكتلة، إلا أن بن سيمون ليس على قناعة تامة بهذه الخطوة، وهذا ما يبرزه تلبكه الواضح والدائم في خطابه السياسي أمام الكنيست، وأيضا ما أشيع عنه مؤخرا أنه لم يغلق الباب كليا في موجه ما اصطلح على تسميتهم "المتمردين"، وأن فكرة انضمامه لهم ما تزال واردة.
أما النائبة شيلي يحيموفيتش، رأس حربة في المعارضة للانضمام إلى حكومة بنيامين نتنياهو، فقد أعلنت أنها ترفض الانضمام إلى فكرة الانشقاق، كي لا تضرب الحزب، ومعتقدة أنه في لحظة ما سينسحب الحزب كليا من الحكومة، ولكن كل المؤشرات وتصرف باراك السياسي خاصة في مجال الاستيطان، وعدم دفعه للعملية التفاوضية، وعدم تمييز خطابه عن خطاب اليمين المتشدد، يؤكد ثبات الحزب في الحكومة.
إلا أن يحيموفيتش، التي لا يختلف نهجها البرلماني المعارض للحكومة عن نهج زملائها الأربعة، قالت قبل أكثر من شهر من على منصة الكنيست، إن الانشقاق الحزبي على خلفية أيديولوجية وفكرية هو أمر مشروع، ولكنها في نفس الوقت تبقى الحلقة المُعرقلة لعملية الانشقاق.
والأربعة الذين ثبتوا في موقفهم وممارساتهم وخطابهم المناهض لحكومة نتنياهو هم: رئيس الحزب السابق النائب عمير بيرتس، والوزراء السابقون أوفير بينيس ويولي تمير، وإيتان كابل، الذي كان حتى قبل أقل من ثلاثة أشهر سكرتيرا عاما للحزب.
ولا يمكن القول إن هذه المجموعة متجانسة من حيث النهج، وإن كانت مواقفها السياسية متقاربة، هي أقرب لمواقف الحزب المعلنة حتى آخر سنوات التسعين، فهي غير متجانسة في الموقف من مجريات الحلبة السياسية، وفي حال نجحت في خطوة الانشقاق، فإن السؤال الأول الذي سيكون مطروحا بينها، من هو الشخص الأول في المجموعة، وثلاثة بإمكان كل واحد منهم أن الشخص الأقوى القادر على قيادة المجموعة.
ونستعرض هنا الشخصيات الأربعة ونهجها وتوجهاتها.
أوفير بينيس: لقد اثبت النائب بينيس في السنوات الأخيرة، تجاه الحلبة الداخلية، أنه "مبدئي" جاهز لدفع ثمن مقابل موقفه، وهذا برز حينما قرر الاستقالة من منصبه وزيرا للعلوم في حكومة إيهود أولمرت، بعد ستة أشهر من بدء ولايتها، احتجاجا على ضم العنصري أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" إلى الحكومة.
وقد ثبت على موقفه من الحكومة، على الرغم من توليه لاحقا رئاسة اللجنة البرلمانية للشؤون الداخلية، ومن المفارقة أن من تولى مكانه في ذلك المنصب الوزاري كان نائبا عربيا من حزب "العمل"، رغم أن موقف بينيس كان بسبب موقف ليبرمان العنصري من العرب أساسا.
ويرى بينيس نفسه شخصية قيادية مستقبلية، رغم أن فرصه لتولي القيادة تراجعت كثيرا وذلك على خلفية تهاوي حزبه في الحلبة السياسية، وعدم ظهور أي آفاق لعودة مكانة الحزب السابقة، وإضافة إلى هذا، فإن التغيرات التنظيمية في الحزب، وسيطرة باراك بالتعاون مع رئيس اتحاد النقابات العامة على هيئات الحزب، تجعل فرص بينيس ضئيلة جدا في الحزب، وفي حال الانشقاق، وصمود الكتلة المنشقة في الحلبة السياسية، فإن أكثر ما ينجح بينيس به هو رئاسة حزب صغير.
عمير بيرتس: لقد أجهز بيرتس على مستقبله السياسي، منذ أن قبل في ربيع العام 2006 تولي حقيبة الأمن (الدفاع) في حكومة إيهود أولمرت، وهو الذي قفز إلى زعامة حزب "العمل" في خريف العام 2005، محدثا ضجة كبرى، على خلفية عمله النقابي ورئاسته لاتحاد النقابات.
وقد دفع بيرتس ثمنا لخطوته في تردي شعبيته إلى مستوى الحضيض، إذ لم يكن يرى أهليته في حقيبة الأمن أكثر من 2% إلى 4% من الجمهور، ثم خسر رئاسة حزب "العمل" وفي انتخابات العام الجاري حلّ في المكان العاشر في لائحة الحزب.
ومن ناحية سياسية، فمن كان في الماضي ضمن مجموعة "الستة" ثم "الثمانية" الحمائمية في الحزب، وضع نفسه في حكومة أولمرت في معسكر اليمين المتشدد، من خلال الحروب التي شنتها حكومة أولمرت، وأيضا بقبوله انضمام ليبرمان إلى الحكومة ذاتها.
ورغم ذلك، فإن الطموح القيادي لدى بيرتس لم ينته، وقد حاول بداية قيادة تمرد في هيئات الحزب على إيهود باراك، ضد الانضمام إلى حكومة إيهود أولمرت، ولكن سرعان ما استوعب بيرتس حقيقة أنه واحد من مجموعة وليس "رأسا" قياديا، ومن المثير الانتظار لمعرفة ما إذا سيقبل أن يكون عضو يرأسها شخص غيره.
إيتان كابل: لقد وضع كابل نفسه على مر سنين عضويته البرلمانية في تيار الوسط السياسي في حزب "العمل"، ونجح في تولي منصب السكرتير العام للحزب، ورم شعبيته في صفوف الحزب، إلا أنه لم ينجح في تبوء مناصب وزارية رفيعة، فمنصب سكرتير عام، بموجب أنظمة الحزب يبقى منصبا إداريا أكثر منه سياسيا.
وبسبب موقفه الرافض من الانضمام إلى حكومة نتنياهو، فقد سعى باراك للإطاحة بها، من خلال إلغاء منصب السكرتير العام، والتعويض عنه بمنصب المدير العام.
وقد يرى كابل نفسه منافسا لبينيس على رئاسة المجموعة، رغم أن الاثنين متفقان في ما بينهما بعدم السماح لبيرتس بتولي القيادة مجددا.
أما النائبة الرابعة فهي البروفيسورة يولي تمير، التي وصلت إلى الحلبة السياسية في العام 1999، وزيرة في حكومة إيهود باراك، دون أن تكون نائبة، وجاءت من المعسكر اليساري الأقرب لحركة ميرتس من حيث المواقف.
لا يبدو أي طموح لتمير بتولي قيادة المجمعة في حال نجحت في انشقاقها، ولكن صوتها سيكون مقررا في اختيار الشخص لقيادة الكتلة في حال انشقاقها.
على أي حال فإن المهمة الأولى لمجموعة الأربعة، هو تأمين النائب الخامس، لهم، إما النائبة يحيموفيتش، أو بن سيمون، وهنا من يتوقع أنه في حال تم إقناع يحيموفيتش، فإن بن سيمون سينضم بسرعة لهم، وهناك من يرى أن العكس قد يكون صحيح أيضا، بمعنى أن تلحق يحيموفيتش بالركب لاحقا.
إن انشقاق كهذا في حزب "العمل" سينعكس مباشرة على مكانة كتلة "العمل" سياسيا وبرلمانيا، وبالتالي على عدد وزرائه في حكومة نتنياهو، التي هي أصلا لن تتأثر من الانشقاق على المستوى البرلماني، كون أن خمسة نواب (مع يحيموفيتش) لا يدعمون موقف الحكومة في التصويت في الهيئة العامة للكنيست.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر