إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



الأصداء الاسرائيلية لمؤتمر فتح

الجمعة 14/8/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

أطل قادة إسرائيل في الأيام الأخيرة، يلوحون بخطاب يحمل تفاصيل أكثر لسياستهم الرفضية، وفي خلفية ذلك خيبة أمل إسرائيلية من خطاب وقرارات مؤتمر حركة فتح، و"خيبة أمل" قيادة إسرائيلية من هذا الطراز، من المفترض أن تكون بالنسبة لنا صمام أمان، بأن حركة فتح العتيقة في النضال ما تزال تتمسك بثوابت ومرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني.
يعرف قادة إسرائيل الحاليون، ومن سبقهم، أن لا جديد في مؤتمر فتح، ولم تكن مفاجأة في أن أكد من جديد على ثوابت الحل الدائم، مشروع الحل الأدنى الذي يمكن للفلسطينيين أن يقبلوا به، إلا أنهم اختاروا افتعال "خيبة الأمل" ليبرروا خطابهم الرفضي لآفاق الحل.
فنسمع وزير الحرب إيهود باراك، يقول "إن الخطاب الصادرة عن مؤتمر حركة فتح، والمواقف السياسية التي نسمعها من هناك خطيرة ومرفوضة علينا"، وكان هذا قبل ساعات من تسلل باراك قبيل منتصف ليل الأحد الماضي، إلى بؤرة استيطانية في قلب البلدة القديمة في القدس المحتلة، حوّلها المستوطنون إلى "كنيس" يهودي، لجعله نقطة احتكاك وانفجار مستقبلي، محتفلا مع عصابات المستوطنين، التي تطمئن لسياسته كليا، في إدخال كتاب توراة، لذلك "الكنيس"، وهو تقليد ديني هام بالنسبة لليهود.
أما رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، فيعلن دون تأتأة أو تلعثم، وبشكل واضح غير قابل للتأويل، أنه لن يقبل في المستقبل بإزاحة أي مستوطن، أينما كان، من مستوطنته، مهما صغر حجمها، إذ يقول متباكيا على مستوطني قطاع غزة الذين تم إخلاؤهم قبل أربع سنوات، "إننا لن نكرر خطأ إخلاء المستوطنات ، ولن نخلق جمهور مبعدين جديد".
وهذا قبل أن يكرر ديباجته التي لا يكف عن تكرارها أسبوعيا، بمطالبة الفلسطينيين، باعتبار إسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي"، بمعنى أنه يعتبر اليهود في العالم "شعبا" وأن إسرائيل دولتهم، ولا لأحد من غير اليهود حق شرعي في البقاء فيها، ولا حاجة لذكر حق اللاجئين الفلسطينيين.
ولأن نتنياهو بات على يقين أن لا أحد في القيادة الفلسطينية سيقبل بشروطه، فسمعناه هذا الأسبوع يتحدث عن رغبته برؤية "قيادة فلسطينية أكثر اعتدالا".
والرسالة الثالثة، من جملة رسائل بعث بها قادة إسرائيل خلال ساعات من هذا الأسبوع، كانت على لسان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، فيقول: "إن المواقف المتطرفة، غير المتساهلة التي يتخذها الفلسطينيون في قضية القدس وحق العودة والاستيطان، تخلق فجوة بينهم وبيننا، ليس من الممكن جسرها".
ويتابع ليبرمان، قائلا، إن ما يمكن الاتفاق عليه مع الفلسطينيين، هو "تحسين الترتيبات الأمنية وتحسين الأوضاع الاقتصادية لديهم، وهذا هو الحد الأقصى الذي بالإمكان فعله في السنوات المقبلة"، ويقول إن كل ما عدا هذا هو "أوهام ستنتهي بالفشل وخيبة الأمل والإحباط".
والرسالة الإسرائيلية اليوم باتت أكثر وضوحا، وأكثر جرأة، وتكرر ما جاء به نتنياهو بداية، ملوحا بما يسمى "السلام الاقتصادي"، الذي لم يغب عن أجندته، وإنما بقي مشروعا مغلفا بديباجات كلامية خدمة للعلاقات العامة.
وكما يبدو فإن ما يشجع قادة إسرائيل على هذه "الجرأة" عاملان: الأول، هو التراخي المقلق الذي بدأنا نلمسه من أجواء البيت الأبيض، وإدارته الجديدة، إذ لم نعد نسمع ذلك الخطاب الحازم، الذي أطلقه الرئيس أوباما، وهنا قد تصدق التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تراجع ما في الموقف الأميركي، بذريعة أن الدول العربية لم تتجاوب مع مطالب واشنطن بتقديم "بادرات طيبة" لإسرائيل مقابل أن تجمد الاستيطان بشكل مؤقت، لمدة عام، حسب واشنطن، وستة أشهر حسب إسرائيل.
أما العامل الثاني هي حالة الانقسام المستمرة لدى الفلسطينيين، والتي سجلت ذروة قبيحة وخطيرة في الأيام الأخيرة، مثل منع أعضاء فتح من مغادرة قطاع غزة وحملات الاعتقالات المتبادلة وما تبع ذلك من جرائم.
فحالة الانقسام الإجرامية، وعدا عما تسببه من مآسي لأبناء الشعب الواحد، وتنهك ما تبقى من قواه، فهي تشكل ورقة توت تبرر فيها إسرائيل الرسمية أملم العالم عدم جديتها في المفاوضات، والتوجه نحو الحل الدائم، وهذه ذريعة لم تنشأ حديثا، بل منذ اللحظة الأولى التي نشأت فيها هذه الحالة.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر