إقتصادي إجتماعي
قضايا سياسية عامة
تقارير خاصة
مع الحدث
مقالات الضيوف



"دولة قومية لليهود" ليست "شأنا داخليا"

الأحد 16/8/2009
برهوم جرايسي- "الغد" الأردنية

هناك عدة نقاط وردت في المقابلة بالإمكان مناقشتها، نظرا لصيغة الأجوبة أو تغييب جوانب هامة فيها، إلا أن الخطورة الجوهرية تكمن في قضيتين، الأولى وهي الأخطر، قول فيّاض، إن تعريف إسرائيل كدولة يهودية "للشعب اليهودي" هو "شأن داخلي لها"، رافضا أن يكون شرطا مسبقا في المفاوضات، والثانية، القبول الضمني بما يروّج له نتنياهو من بدعة "السلام الاقتصادي".
لو أن إسرائيل دولة طبيعية، مثل سائر دول العالم، لا تمارس الاحتلال وعمليات الاقتلاع من الأرض والتهجير، لكان من "حقها" أن تعرّف نفسها كما ترى مناسبا لها، ولكن ما يعرفه فيّاض أيضا، أن قادة إسرائيل والحركة الصهيونية لم يختلقوا هذا التعريف صدفة، كذلك لم يكن مطلبهم بأن يعترف الفلسطينيون بهذا التعريف الخطير مجرد مماحكة سياسية ومناورة تسبق أي مفاوضات.
وهدف إسرائيل من تعريف كهذا، و"قبول" الفلسطينيين به، هو التنازل الضمني والفعلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين أولا، وثانيا، وبنفس الدرجة، جعل وجود فلسطينيي 48 في وطنهم أمرا "استثنائيا" في أفضل الأحوال، و"غير شرعي" لمرحلة لاحقة.
فحين تتحدث إسرائيل عن "الشعب اليهودي"، فالمقصود فيه هو ما تبتدعه الحركة الصهيونية بأن أبناء الديانة اليهودية في العالم هم "شعب في المهجر"، بمعنى تم تهجيرهم في وطنهم، ولا مجال هنا للسرد التاريخي والتعريف العلمي "للشعب"، وحين تكون إسرائيل "دولة الشعب"، فإن الحق هو فقط لأبناء هذا "الشعب" المزعوم، دون سواهم.
فعن أي "شأن داخلي لإسرائيل" يتحدث الدكتور فيّاض، خاصة وأن كل الشأن هو شأن فلسطيني، لأن المستهدف هو الشعب الفلسطيني ذاته، فالتمسك بحق العودة لا يقتضي التشبث باللفظ الكلامي، والمصطلح العيني، بل أيضا الالتفات والحذر من كل ما من شأنه أن يخل بهذا الحق.
أما القضية الثانية، فهي قول فيّاض، إن سلامة الحكم والإدارة السليمة والازدهار الاقتصادي يمهد لإقامة الدولة الفلسطينية "وأيضا وسيلة لإنهاء الاحتلال"، ويرتكز هنا فيّاض على فرضية أن نجاح نموذج السلطة الفلسطينية "سيقنع العالم بقدرة الفلسطينيين على اقامة دولة"، وفي مرحلة ما وقصيرة، كان هذا واردا في الحوار الفلسطيني مع العالم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل العالم بحاجة إلى اقتناع بقدرات الشعب الفلسطيني، وهل وجود وغياب هذه القناعة هو المعوق لإقامة الدولة الفلسطينية؟!.
الصحفي عقيبا إلدار الذي أجرى المقابلة مع فيّاض، يقول في المقدمة، إن فيّاض اختار الحديث عن الجانب الاقتصادي أكثر من السياسي في تلك المقابلة، مشيرا إلى أنه تفاخر بمؤشرات النمو الاقتصادي الفلسطيني، ثم لنقرأ على لسان فيّاض "معاتبا" الإسرائيليين قائلا، "خسارة أنكم احتجتم لوقت كبير حتى تقتنعوا بضرورة إزالة عشرات الحواجز".
وعلى اعتبار أن فيّاض خبير اقتصادي، وتبوأ مناصب إدارية اقتصادية عالمية ومحلية، فهو يعلم علم اليقين أن الممارسات الإسرائيلية لعرقلة ازدهار ونمو الاقتصاد الفلسطيني، على مستوى الفرد الفلسطيني أولا، ثم على مستوى المجتمع وسلطته لاحقا، لا تتوقف فقط عند مئات الحواجز العسكرية، التي لم تزل منها إسرائيل سوى القليل والهامشي.
بل إن ضرب ومستوى معيشة كل فلسطيني هو هدف استراتيجي لإسرائيل والحركة الصهيونية، وهذا لا يسري فقط على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل أيضا على فلسطينيي 48، الذين هم ضحايا هذه الاستراتيجية منذ النكبة وحتى اليوم، وهذا على أساس أن شعبا ضعيفا اقتصاديا ومن حيث مقومات الحياة، سيبقى أضعف في النضال من أجل حقوقه العامة والعليا، وسيبقى أفراده يركضون كل يوم وراء رغيف الخبز.
ولهذا فحين يعلن نتنياهو أنه يريد "أولا تحقيق ازدهار اقتصادي للفلسطينيين"، قبل الحديث عن دولتهم، فهذا لعلمه المسبق أن سياسته لن تسمح بازدهار كهذا.
لعلم الدكتور سلام فيّاض، قبل أيام كنت مع عائلتي في رام الله، ولدى خروجي منها، استغرق عبور سيارتي لأقل من خمسين مترا، عند الحاجز الإحتلالي، ساعة وخمس دقائق، بالتمام والكمال!!.

تحضير للطباعة
أرسل لصديق -
صحيفة الغد الأردنية
المشهد الإسرائيلي
الحوار المتمدن
مؤسسة توفيق زيّاد
للثقافة الوطنية والإبداع

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
الفنان كارم مطر