.... وقفت النجمات تنظر واميرها يرحل .... وقفت امام الموكب الذي كان يزف الامير الى حيث الموت ظن انه غيبه ....ما عندنا اضواء ... سقطت النجوم عن السماء ... كيف لا ونجمها الامير يغادر الضوء ؟!
... ووقفت عذارى فلسطين مشدوهات حزينات فالشاعر الذي يطرب قلوبهن جف حبر قلمه وما عاد عنده الوان ولا عادت الكلمات تقوى على الانصياع لاوامره ...
... هو يرحل ونحن نصعق .. .. وكعادتك " درويش " تربكنا برحيلك تماما كما كنت تفعل في حياتك ... تنثر قصائد تلهب القلب وتقتل الحزن وتذبح الصمت ... قصائد نتفاعل معها ، نطرد اليأس عنا لان في شريعتك لا وقت لليأس بل كل الوقت لاستقبال الامل المتدفق من عيون كلماتك التي تسوقها لنا بقصيدة وحشية ... وانت كما انت لا تترك للحب مكانا بل تحتل كل الاماكن ، هنا وهناك فنحبك بكل الحقد الذي في اجسادنا نتخلص من اتعابنا ونلقي بهمومنا وضحكاتنا لانك انت القادم مع ضوء القمر لا تحب الشراكة ، نحبك اكثر وانت تأمرنا بان نعود الى رشدنا ... نصحو في ليلة القمر رحل بها فنجد وجهك يطل من بين النجوم " انا هنا فلا تخافوا " ... منذ الآن لا قمر ولا وجهك سيطل ... فكيف لا نخاف ؟؟! كتبت قصائد تكفينا للايام والليالي القادمة ... لكننا اعتدنا على رؤية وجهك يطل من بين النجمات ... ماذا نقول لها ونحن نعود الى السماء وترانا نمرح في الارض ؟؟ ... كان الحب هناك يرقد الى جانبك في مستشفى " هيوستن " وكنا هنا نرقب لحظة النجاة ... علمتنا الانتصار على الموت فكيف فلتت منك نظرية الانتصار على الاشياء ؟؟.... هل انشغل قلبك بالحبيب الراقد بجانبك في السرير ؟؟ فغرز الموت خنجره المسموم في صدرك ؟؟ ظن الموت انه غيبك عنا ... انت المتدفق من بين حبات عيوننا ابدا لن تغيب ... انت هنا وهناك .. وهنا لا تبتعد كثيرا عن هناك ....
... انت الحب الذي فشل الموت باغتياله بخنجره المسموم .... انت الحب الذي ابدا لا يموت ويرفض الموت ...
في عملية الانتصار انت الخاسر الاخير سجلت جولة جديدة ومختلفة من الانتصار ...سجلت صورة جميلة للخسارة ... نحبك لانك انت الذي يحول الموت الى حياة ويحول الغياب الى حضور ابدي ويصنع من البشاعة صورة جميلة للجمال ....
....... سنعيد لحن الحزن ونعزف آخر الاغنيات ونغني آخر القصائد ... لكننا ابدا لن نصدق بأنك سترحل .. انت لا ترحل ... نحقد عليك بقدر الحب الذي نحبك اياه وقد يكون اكثر لانك تعيدنا الى ذاتنا بعد كل الاحلام ... لانك تعلمنا القراءة والكتابة وتسلب منا الحروف ... لانك تعلمنا الصلاة وتأخذ منا الاله ... انت هكذا تتعامل معنا منذ ادركنا تورطنا بك ...
.... رجونا السماء ان تعيدك لنا ... ووقف الموت لايام لا يستوعب فعلته ... يتسأل " ماذا فعلت ؟؟ كيف خطفت اله الحياة ؟؟! من سأصارع بعد اليوم ؟؟! فالمصارع العنيد اخذته يدي الى حيث لا استطيع الانتصار عليه .... وانت انت كما انت تقلب الاشياء وبدل ان نحزن على رحيلك الفاجع يحزن الموت لانه ظن انه غيبك ... وانت كما انت لا تجيد فن التخلص من الخجل والحب المتدفق فتهدينا قبل رحيلك قصائد حب ستحيا بيننا كما لو انك تعيش للابد ونحن نتوق لنتخلص منك نجد نفسنا نتورط بحبك من جديد ... فارحل ايها الموت لانك فشلت في كل معاركك مع إلهنا العنيد محمودنا الدرويش ....
(عيلبون)
نجاة نصر فواز *
الخميس 21/8/2008