سعي واضح للحفاظ على الهيمنة العسكرية
نشطت الدوائر الدبلوماسية والسياسية الاسرائيلية في الأيام الأخيرة، وتحديدًا في اليومين اللذين أعقبا زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا، ولقائه بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، نشطت لدى الدوائر الأمنية والدبلوماسية الروسية لمنع تلقي سوريا أسلحة روسيّة متطوّرة، رغم كون هذه الأسلحة دفاعية محض، باعتراف اسرائيلي! وتحاول الأوساط الاسرائيلية خلال الأيام الأخيرة، التي امتلأت بالتطورات على الساحة الدولية، وعلى وجه الخصوص زيادة النشاط الروسي على صعيد استعادة دور روسيا لمكانتها كدولة عظمى، أن تتفاوض مع القيادة الروسية لمنع بيع الأسلحة لسوريا، ووصل الأمر حد إجراء أولمرت مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي، وحد التوقّع بأن يزور أولمرت موسكو في الأسابيع المقبلة. ويمكن وصف التصرف الإسرائيلي بأنّه وقح واستفزازي، لعدة أسباب، أولّها أنّ إسرائيل بحجمها وبمكانتها الدولية، لا تستطيع، ولا يجوز لها أن تتصرف مع قوة عظمى على أساس الندّية، خاصة في ضوء مبيعات الأسلحة الإسرائيلية غير المحدودة، بدعم أمريكي لجورجيا، التي اعتدت على جمهورية أوسيتيا الجنوبية، مستخدمة هذه الأسلحة. والسبب الثاني، هو أنّ الادعاء إسرائيل بأنّ بيع الأسلحة الروسية لسوريا سوف يؤثر على ميزان القوى الشرق أوسطي، رغم معرفتها التامة بأنّ هذه الأسلحة هي أسلحة دفاعية محض، يعني أنّ إسرائيل تبيّت نوايا عدوانية تجاه سوريا، فكيف لصاروخ ضد الطائرات أن يقلب موازين القوى أو أن يؤثر عليها، إذا لم يكن له استخدام، وهو يستخدم فقط كرد على هجوم بالطائرات؟ بكل الأحوال، عرفت إسرائيل خطورة فورة الغضب الروسية في المسألة الجورجية، وقدّرتها، وزاد من قلقها استغلال السوريين لفورة الغضب هذه للتقرب إلى روسيا، وهو ما يقلق اسرائيل بالحقيقة. فأي رد روسي لموضعة الصواريخ الأمريكية في بولندا وتشيكيا، أو لمحاولة فرض حصار عليها عن طريق ضم الجمهوريات السوفييتية السابقة إلى الناتو، قد يكون في الشرق الأوسط، عن طريق بيع الأسلحة لسوريا ولإيران، وهو ما سيقضي فعليًّا على الهيمنة العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. هذا هو ما يقلق إسرائيل. الاتحادالأحد 24/8/2008 |