لماذا هذا التضليل يا حزب "العمل"؟
في الائتلاف الحكومي الذي يقوده ايتام ارئيل شارون في حزب كاديما برئاسة ايهود اولمرت، يشغل حزب "العمل" مكانة ودورا هامين، فمن حيث العدد الكمي لاعضائه ومن حيث اهمية الحقائب الوزارية التي يشغلها اعضاؤه، يعتبر المكوّن الثاني الاساسي داخل حكومة الكوارث الحالية. فمن بين الحقائب الوزارية يشغل اعضاء حزب العمل وزارتين اساسيتين من حيث الاهمية، وزارة "الامن" بمدلولها الامني – السياسي ووزارة الرفاه الاجتماعي بمدلولها الاقتصادي الاجتماعي. وكما في السنة الماضية والسنوات التي سبقتها، وابان مناقشة مشروع الميزانية العامة الجديدة يلجأ هذا الحزب الى التضليل جماهيريا لاخفاء حقيقة جوهر موقفه. وفي ظل الازمة السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية – الاخلاقية التي تواجهها الحكومة الحالية تبرز مظاهر وظواهر التضليل والابتزاز التي تلجأ اليها الاحزاب الائتلافية. فرئيس حزب "العمل" ووزير "الامن" ايهود براك "ينتقد" الميزانية الجديدة "ويهدد" انه اذا لم يجر تعديل عليها فلن يصوت حزب "العمل" الى جانبها!! وما الذي استوجب مثل هذا الموقف لبراك من الميزانية؟ يدعي براك انه على خلاف تام مع رئيس الحكومة ووزير المالية حول الاقتراح بتقليص ميزانية وزارة الامن؟ ان ايهود براك في موقفه هذا يعود الى تكرار المسرحية التي تلجأ اليها حكومات الكوارث والاحتلال والافقار في كل سنة عشية مناقشة مشروع الميزانية الجديدة، فلاخفاء حقيقة ان الميزانية العسكرية والانفاق العسكري والاحتلالي الاستيطاني يجرفان اكثر من نصف الميزانية العامة، ولاخفاء الضربات الموجهة للفئات الاجتماعية المسحوقة من عاملين واصحاب الدخل المحدود وعرب، للتضليل يلجأون الى اختلاق مواقف معارضة للميزانية. فموقف براك تضليلي لانه جاء اولا في اطار المنافسة القائمة بين اقطاب قوى اليمين واليمين المتطرف الفاشي العنصري، وبراك احد هذه الاقطاب، المنافسة حول من سيكون خليفة اولمرت بعد استقالته القريبة في الشهر القادم ومن يجهز نفسه للمنافسة على رئاسة الحكومة وعلى وزارة الحرب والعدوان. وموقف براك تضليلي ثانيا لانه يدرك ان "التقليص" المقترح تطال انيابه الشحم الزائد وبالاساس القوى العاملة في خدمة جيش سياسة العدوان وشروط عملهم، وليس ابدا زيادة النفقات العسكرية في ظل سياسة تصعيد وتيرة سباق التسلح التي تنتهجها حكومة اسرائيل، بالتنسيق مع حليفها العدواني الاستراتيجي – ادارة الامبريالية الامريكية. وموقف براك تضليلي لانه يدرك جيدا ان ما يقلص اليوم من الانفاق يجري تعويضه أضعافا مضاعفة في اطار "الميزانيات الاضافية" بحجة تغطية الاحتياجات والمتطلبات والمستجدات الامنية. وكما تعلّم التجارب في كل سنة ان حزب العمل برئاسة براك سيصفّ على الطاولة في نهاية المطاف مؤيدا مشروع الميزانية التي يطرحها ائتلاف حكومته للاقرار النهائي في الكنيست. ويبرز العهر السياسي والتضليل السياسي في موقف حزب العمل من قضايا الرفاه الاجتماعي، وكأنهم مع الفقراء مع انهم مارسوا سياسة افقار الفقراء في حكومة الكوارث. الاتحادالأثنين 25/8/2008 |