الصراع لإعادة تقسيم مناطق النفوذ!



لقد صدق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عندما اكد لصحيفة "الوطن" السورية امس الاول ان زيارته الى سوريا هي زيارة "سياسية"! فهي لا تندرج في اطار الزيارات التقليدية بين مسؤولي البلدين لتعزيز العلاقات والسياحة "البيتية" بل تندرج في اطار العمل لانجاز اهداف محددة، سياسية واقتصادية، تتوخاها ادارة الامبريالية الفرنسية في هذه المرحلة من التطور والصراع على الساحة الدولية وعلى الحلبة الاقليمية في الشرق الاوسط، اهداف تخدم المصالح الفرنسية الامبريالية بمدلولاتها الحقيقية. ولمن خانته الذاكرة نود تذكيره بحقيقة ان الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية كانتا من حيث الجوهر والبعد السياسي حروبا استعمارية كان الدافع الاساسي لاشعال نيرانهما اعادة تقسيم وتوزيع مناطق النفوذ والسيطرة الاستعمارية في العالم بين الوحوش الاستعماريين البريطانيين والفرنسيين والالمان والامريكان فيما بعد (الحرب العالمية الثانية)! فزيارة ساركوزي الى سوريا تأتي في وقت بدأت فيه تبرز ملامح جديدة تعيد الى الذاكرة ملامح التطور والصراع في مرحلة الحرب الباردة الساخنة بين المعسكرين، المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي والمعسكر الرأسمالي الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية. فعلى ضوء هيمنة الامبريالية الامريكية في العديد من بلدان المنطقة وعلى ضوء بداية تحرك القطب الروسي لاستعادة مواقعه ومصالحه في بلدان الشرق الاوسط، على ضوء ذلك يسعى ساركوزي لاستعادة مجد فرنسا الاستعماري دبلوماسيا في الشرق الاوسط وخدمة مصالح فرنسا الامبريالية واحتكاراتها اقتصاديا وسياسيا. فزيارة ساركوزي قبل عدة اشهر لعدد من البلدان الافريقية التي كانت يوما ضمن المستعمرات الفرنسية وزيارة بعض بلدان الخليج والسعودية، وعقد صفقات اقتصادية وعسكرية بمليارات الدولارات، كانت هذه الزيارات ونتائجها تندرج في اطار التقسيم الوظائفي بين اللصوص الامبرياليين الامريكيين والفرنسيين للهيمنة في العديد من المناطق. ويعتقد ساركوزي ويتوهم انه عن طريق توثيق العلاقة مع سوريا ولبنان يرسخ موطئ قدم فرنسي للانطلاقة في الشرق الاوسط، فتحت يافطة ان فرنسا بتوطيد العلاقة مع سوريا تخرج النظام السوري من "عزلته الدولية" يحاول ساركوزي تحقيق وابتزاز مكاسب سياسية من النظام السوري، فسيحاول ساركوزي اغراء النظام السوري بعدم توثيق العلاقات الاستراتيجية مع روسيا والتي تعززت مؤخرا، واغراء النظام السوري ان لفرنسا دورا مؤثرا في دفع عجلة المفاوضات الاسرائيلية – السورية من المفاوضات غير المباشرة الى مفاوضات مباشرة وتجنيد الولايات المتحدة لانجاز تسوية. ولهذا، وفي هذا السياق عقد امس في دمشق اجتماع قمة رباعية فرنسية – سورية – تركية – قطرية وذلك عشية الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة الاسرائيلية – السورية وبوساطة تركية والتي ستعقد في السابع من شهر ايلول الجاري. وفي نشاطه الدبلوماسي – السياسي يحاول ساركوزي مثل الادارة الامريكية وحكومة الكوارث والاحتلال والجرائم الاسرائيلية دق اسافين بين سوريا وايران واغراء النظام السوري بالانسحاب من كل هضبة الجولان السورية المحتلة وبالدعم الاقتصادي ودعم رعاية مصالحه في لبنان مقابل تنفيذ املاءات وشروط تحرف النظام السوري عن موقعه ودوره الوطنيين، ابعاد سوريا عن ايران وعن فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والارتماء في حضن حظيرة التدجين الفرنسية – الامريكية – الاسرائيلية.
ان حق سوريا الشرعي والطبيعي ان تطور علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية – التجارية والسياسية والثقافية مع كل بلد ونظام يعود عليها بخدمة المصالح الحقيقية للشعب السوري، فهذا هو المعيار الوطني للعلاقات الدولية، واملنا ان يتمسك النظام السوري بهذا المعيار.

الجمعة 5/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع