ستبقى أشعارك فينا ...
ستبقى أنت هنا بيننا ..
رغم أنك غادرتنا ...
نحن الذين رضعنا من حليب كلمات شعرك ...
من صرختك المُجلجِلة في قصيدة "بطاقة هوية" والمعروفة أكثربِ- "سَجِل أََنا عربي .."
التي عبّرت من خلالها عن الكثير .. الكثير...
عن معاناة أبناء شعبك الفلسطيني وطبقته العاملة التي تعرضت للقمع السلطوي...
من خلال مواجهة قمع الحكم العسكري وما مارسته هذه السلطة ضد البقية الباقية من الشعب الفلسطيني ... في أرض وطنها ...
يومها أنشدت وقلتَ متحدياً هذا البطش:
"....
سَجِل
أنا عربي
وأعمل مع رفاق الكدح في محجر
وأطفالي ثمانية
أسل لهم رغيف الخبز
والأثواب والدفتر
من الصخر
ولا اتوسل الصدقات من بابك
ولا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب
...."
عرفناك من خلال ما كتبت ...
وتابعنا صولاتك وجولاتك الشعرية ...
التقطنا كل كلمة قيلت عنك ...
من أترابك ورفاقك ...
نعم ستبقى فينا ..
أيها الرفيق الأممي ...
سنواصل إنشاد أشعارك ..
أيها الفلسطيني ...
وقبل كل ذلك أيها الإنسان..
الذي لم يفقد إنسانيته..
حتى في أعتى مراحل العدوان ..
الذي تعرضت له مع رفاقك...
أنتَ ...
يا من آمنت.. بالطبقة العاملة وعدالة نضالها..
ستبقى فينا وبيننا خالداً ...
نعم لن ننسى إنشادك العظيم..
الذي جسّدت فيه حقيقة أمميتك وإنسانيتك..
التي آمنت بها دائماً وأبداً ..
رغم ما تعرضت له الطبقة العاملة الفلسطينية من قمع متواصل ...
لم تفقد البوصلة الإنسانية- الأممية ...
وخرجت خارج سرب التقوقع والتعصب القومي ..
وانشدت بقوة إيمانك بالإنسان والإنسانية جمعاء وقلت:
"...
عار من الاسم، من الانتماء؟
في تربة ربيتها باليدين؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء:
لا تجعلوني عبرة مرتين
يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
ومن يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس..جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر"
لن تستطيع الكلمات أن تعبر عمّا يجيش في نفوسنا من حزن وألم..
لفقدانك ..
أيها الإنسان ..
أيها المَعلم الحضاري الكبير ..
يا من نقشتَ إسم فلسطين وعدالة قضيتها ..
في قلوب شعوب الأرض جمعاء ...
من الصعب تقديم التعازي ..في مثل هذه المناسبة...
خاصة وان الفقيد هو فقيدنا جميعاً..
أخاً ورفيق درب..
بَعُدَ عنّا.. وعادَ إلينا..
بَعُدنا عنهُ.. وعُدنا إليهِ..
إنهُ معنا ..في كل مكان..
في كل نسمة من نسمات أرض الوطن..
التي تحمل عبق زهور البرتقال واللوز ..
والياسمين..
إنه معنا باق..
راسخ ..كجذور شجر الزيتون ..
الراسخ في أرض الوطن..
الذي أنشدت له وقلت :
"...
لو يذكر الزيتون غارسه
لصار الزيت دمعاً .."
وقلت ايضا:
"...
إنّا سنقلع بالرموش
الشوك والأحزان...قلعاً!
وإلامَ نحمل عارنا وصليبنا!
والكون يسعى...
سنظل في الزيتون خضرته،
وحول الأرض درعاً!!."
إنها ... فلسطين..
التي قال لكَ والدك عنها ..كما انشدت وقلت :
"...
وأبي قال مرّة :
الذي ما له وطن
ما له في الثرى ضريح
.. ونهاني عن السفر"
إنتميت لنا نحن أبناء الطبقة العاملة ...
رافقت رفاق الدرب من رعيل النقابيين ...
رافقت .. سليم القاسم وجمال موسى...وغيرهم..
ممن حمَلوا الهم العمالي الطبقي الفلسطيني ..
في أعتى مراحله وأقساها...
لكنهم .. مثلَكَ ..
لاطم كفهم مخرز السلطة ..
ثَبّتوا ورَسّخوا روح النضال والأمل لدى عمالنا ...
متى كان ذلك ...؟
كان في مرحلة اليأس والإحباط والترحيل...
لكنهم صَمدوا .. وصَمّدوا عمالنا في مواقعهم..
بالنضال.. والوحدة ..
بالحِس الثوري – الأممي...
وأنتَ ..
يومها غنيت ..باعثاً روح الصمود..والتفاؤل وقلت:
" ...
إلى الأعلى
حناجرنا
الى الأعلى
محاجرنا
الى الأعلى
أمانينا
الى الأعلى أغانينا.."
إننا ننشد معك قائلين :
"...
فمن عزمي
ومن عزمك
ومن لحمي
ومن لحمك
نُعَبِدُ شارع المُستقبل الصاعد .."
نعم بالعزم .. والوحدة الأممية ..
تستطيع الطبقة العاملة أن تبني مستقبلها السعيد...
نعم..
ستبقى راسخاً في ذخائر ذاكرتنا ..
أيها الشاعر الكبير الراحل عنّا .. محمود درويش...
يا شاعر الوطن والإنسانية جمعاء...
ونقول لك :
وداعاً يا صوت فلسطين ..
وداعاً أيها الشاعر الكبير ..
وداعاً أيها الفارس..
يا من ناضلت بقلمك وقلبك وفكرك..
من أجل قضيتكَ – قضيتنا..
فلسطين الحبيبة..
وداعاً يا من حملت قضية شعبك العادلة..
الى كل مكان ..
وداعاً يا صوت فلسطين ..
الباقي دائماً..
وداعاً أيها الشاعر الكبير..
وداعاً..
وداعاً..
وسنبقى ننشد أمميتك الدائمة قائلين:
" كل قلوب الناس .. جنسيتي" .
بقلم: جهاد عقل
الثلاثاء 12/8/2008