يعرف كل منّّا أنّ الموت هو النهاية التي تنتظرنا، في منعطف ما، معتم وغامض أو أكثر وضوحاً من أيّ شيء آخر، بحيث نتساءل كيف لم نره؟! لكنه رغم ذلك كله، سيبقى مباغتاً ونافذاً إلى ذلك الحد الذي لن نستطيع معه أن نبرأ. ورحيل محمود درويش، رغم كلّ المقدمات، ورغم الفصول الثلاثة للموت، وأعني هنا العمليات الثلاث التي سبق أن أجريت لقلب الشاعر، رحيل محمود درويش يظل صاعقاً ومفاجئاً، ربما لأنّ فينا توقاً غير عادي للحياة، لفرط هذا الموت الذي حولنا، وتوقاً لجمال لم نصل إليه في وطننا، فعثرنا على ما يشبهه في القصيدة والرواية واللوحة والأغنية.
يمكن أن نعزي أنفسنا دائماً، كلما فقدنا كاتباً أو فناناً، بقولنا: لقد ترك لنا الكثير، وقدَّم مشروعاً أدبياً أو فنياً سيظل حياً في قلوب الناس؛ لكنّ الموت هزمنا، لأنّه حرمنا من قصائد جديدة كان يمكن أن تُكتَب، وبذلك حرمنا من حصتنا في حياة وجمال كان يمكن أن نعيشه مستقبلاً.
لقد أصبنا في القلب مرة أخرى، وليس ثمة صفة يمكن أن تقال هنا، سوى أنّ الإصابة قاتلة.
* روائي فلسطيني
إبراهيم نصر الله *
الأربعاء 13/8/2008