حوار حزين مع درويش



يا ارضُ انصِتي
لا تلبِسي ثوبَ الحدادِ
لم يسقُطْ هذا العاشقُ
لكنَّ الحبيبَ نام.
دعوهُ يرتاحُ منَ الضوءِ الذي يَخُرجُ مِنهُ
فيتعافى من جرحِ الرَّحيلِ
ادعكوا جسدَهُ المُرهَقَ بالمرميةِ
وافركوا وجهَهُ بالزعتَرِ.

 

تقولُ، "لا يحلُمُ الميتونْ"
اذاً كيفَ تموتُ واحلامَكَ وارِفَةً
لن تتعبْ مِنْكَ؟ ترِنُّ خلاخيلُها
مع زخَّة المطَرِ، واصابِعُكَ تُزنِّرُ
البياضَ بابياتٍ وردِيةٍ من حريرِ الفراشاتِ .
تقولُ، "على هذِهِ الأرضِ ما يستحِقُ الحياة".
اقولُ إذًا، "ما زلتَ حياً لأني أرى
كلماتٍ تُرفرِفُ بالبالِ"، تصهلُ بالسحبِ
جامحةً مُزركشٌ سّرجُها بجدائِلِ الوطنْ.

 

تقولُ "... سنعودُ غدًا،رُبما بعدَ يَومينِ
        وسأحمِلُ هذا الحنينْ.."
أقولُ تعالَ "وطُلَّ كشُرفةِ بيتٍ على ما تُريدْ"
فانتَ مِنّا وفينا وما لنا لَكَ
هُنا/ لنْ تبحَثْ عن هنا مِن هُناكْ
صُحُفُنا لكَ
تلِفازُنا لكَ
كُتبنا لكَ
كيفَ تمضيْ!
وانتَ تأكلُ كلَّ يومٍ خُبزَنا معنا
وتشربُ قهوَتَنا معَنا
وتتفيأ تينتَنا معنا.
تُقَولِبُ لُغتَنَا كما يحلو لكَ وتحفرُ
اسمَكَ يا عاشِقُ
عميقًا على جذعِ الذاكِرَة.

 

لو كانَ لي أن أضَعَ نظّارَتَكَ
لعرفتُ أن خلفَ سِتارِها عيونًا
مستوحِدَةً باكيةً، تبحَثُ في المدى
عن أملٍ يَشِعُّ كزهرِ اللوزِ ولكنتُ
اسمعُ من تجويفِ اذنِكَ صرخَةَ
طفلٍ يطلُ عاريًا، طاهِرًا واسمعُ
صدى الصَّمتِ المُدوِّي من انينِ عنقٍ مَذبوحْ .
لعرفتُ لغزَ غمَّازَتيكَ، ابتسامةً
تَنكمِشُ سريعاً من جرحٍ نازِفٍ
لوطَنٍ منقُوعٍ مُذْ كان بالدَّمْ.

 

هاتِ بمائِكَ لنروي ظمأَ الماءِ فينا
هاتِ بظلِكَ لنظللَ افكارَنا من سيفِ الهجيرْ
هاتِ بشعرِكَ لتزهِرَ سنابِلُ الأيقاعِ على أصابِعِنا
فنتعلمُ العزفَ والغناءَ والفرحْ.
فنحنُ نحبُّ كثيرًا
نعشقُ جنونَ المكانِ
ساذجونَ احيانًا
قبليّونَ احياناً
عنيدونَ ولكِنَّا طيبون.

 

عندها نقولُ وَداعًا
نُحبكَ درويشُ
آنَ لكَ ان تَستريحْ.

انور سابا
الجمعة 22/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع