حذارِ من الخصخصة في مدارسنا العربية



حذرنا دائما من النتائج المأساوية للسياسة النيوليبرالية التي مارستها وتمارسها حكومات اسرائيل السابقة والحالية، هذه السياسة التي مدلولها الاجتماعي اغناء الاغنياء وافقار الفقراء، واخطر ما تتضمنه السياسة النيوليبرالية الانياب المفترسة للخصخصة، أي بيع ونقل ملكية العديد من المرافق الاقتصادية والخدماتية الجماهيرية من القطاع العام، من ملكية الدولة الى القطاع الخاص وملكية افراد من الرأسماليين او شركات خاصة رأسمالية. وقد حذرنا سابقا ومرارا من مغبة ليس فقط الخدمات في السلطات المحلية، بل مجالي التعليم والصحة ايضا، ففي اسرائيل النظام المعادي بسياسته الطبقية – الاجتماعية المعادية لمصالح العاملين والشرائح الاجتماعية الفقيرة وللجماهير العربية التي تعاني من سياسة التمييز القومي العنصرية، في اسرائيل يجري تدريجيا في ظل النيوليبرالية "اقتصاد السوق" والخصخصة القضاء تدريجيا على ما يسمى "دولة الرفاه" أي تخفيض تدريجي "لتدخل الدولة في الاقتصاد"، بمعنى تخفيض الدعم الذي تقدمه الدولة من خلال الميزانية السنوية العامة وعبر الوزارات المختلفة لفروع الخدمات الشعبية، للخدمات الصحية والتعليمية وللمواصلات العامة ولمخصصات الرفاه الاجتماعي، مخصصات الاولاد والشيخوخة والعاطلين عن العمل وغيرهم. وتقليص الدعم الحكومي لفروع الخدمات يعني اولا زيادة اسعار هذه الخدمات، ومن ناحية ثانية تخفيض مستوى معيشة الفقراء وذوي الدخل المحدود والقليل الذين سيدفعون اكثر مقابل الخدمات، ومن ناحية ثالثة بدأ يتبلور وبشكل بارز نوعان من الخدمات، خاصة في المجال الصحي والتعليمي، خدمات راقية وعلى مستوى عال للاغنياء وذوي القدرة المادية وخدمات متدنية وهزيلة المستوى للفقراء!!

 

في مطلع هذه السنة الدراسية، في الاول من ايلول الحالي، وقفنا في كلمة "الاتحاد" عند بعض المشاكل التي ترافق افتتاح السنة الدراسية، الغلاء الفاحش لاسعار الحقائب المدرسية والقرطاسية والملابس الطلابية، الظروف الصعبة والمشاكل في كثير من المدارس العربية، نقص آلاف غرف التدريس والنقص والقضايا المستعصية في البنية التحتية. وجميع هذه المشاكل وغيرها هي نتيجة وحصيلة سياسة التمييز القومي السلطوية العنصرية وازمة السلطات المحلية العربية الخانقة. نتيجة لهذه السياسة التمييزية لم تفتتح المدارس ابوابها في عدد من مدننا وقرانا العربية، بل افتتحتها بالاضرابات في مدارس سخنين والطيبة ويركا وكابول وجديدة المكر وبيت جن. اضف الى ذلك مخاطر الخصخصة الزاحفة باتجاه مدارسنا العربية والمدارس اليهودية. ففي التقارير التي نشرت عشية افتتاح السنة الدراسية كشفت معطياتها انه بالاضافة الى المدارس الدينية الخاصة التابعة للاحزاب الدينية اليهودية، وخاصة لحزب "المفدال" والحريديم من شاس وغيرها، والمفصولة عن المدارس الرسمية الحكومية، قد جرى التأكيد ان اكثر من اربعمئة جمعية خاصة اخترقت المدارس الرسمية. وان هذه الجمعيات تنشط في اقامة صفوف تعليمية بديلة لصفوف ابتدائية واعدادية وحتى ثانوية رسمية. كما تنشط هذه الجمعيات في تقديم دروس خصوصية مدفوعة الاجر. وهذه خصخصة "شرعية" تعمل على بلورة مستويين للتعليم، مستوى عال لابناء الاغنياء ومستوى منخفض لابناء الفقراء. فحذار حذار من خصخصة التعليم، المطلوب مواصلة تصعيد النضال لتحسين ورفع مستوى التعليم في المدارس الرسمية وتحسين ظروف التعليم، والخصخصة ليست الحل الافضل.

الأربعاء 3/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع