لا حل لأزمة بنيوية في النظام الرأسمالي



لا زالت أزمة المال العالمية تتصدّر العناوين، مع اجتماع القادة الأوروبيين في محاول منهم لوقف تأثير الأزمة، وتداعياتها على الأسواق الأوروبية، ومع إقرار مجلسي الكونغرس لما يسمى بـ"خطة الإنقاذ المالي".
وتزداد الأصوات المنتقدة لخطة "الانقاذ" الأمريكية، كونها ترمي كميات مهولة من الأموال، في "بئر بدون قاع"، حيث لا تحل الخطة أسباب الأزمة وجذورها.
وقال خبرراء اقتصاديون كثر، إنّ جذور الأزمة تعود إلى سياسة الانفلات المالية الأميركية، التي بدئ بتطبيقها عام 1971 وأسفرت عن تخلي الإدارة الأميركية عن التغطية الذهبية للدولار، وبلغت هذه السياسة أوجها في عامي 1983- 1984 من عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان، الذي تلخصت نظريته الاقتصادية في إطلاق العنان للسلطات المالية الأميركية لطبع ما تشاء من الأوراق الخضراء دون غطاء إنتاجي حقيقي ولتخفيض سعر الفائدة الحاد والإفراط في الإقراض دون التدقيق في الجدارة الائتمانية للمقترضين، كل ذلك في سبيل تحفيز الاستهلاك والائتمان العقاري وتمويل السوق المعلوماتية الصاعدة و"حرب النجوم" الخيالية.
وبما أن جل التعاملات الاقتصادية الدولية تُجرى بالعملة الأميركية، فإن الدولارات الجديدة، التي يتم إصدارها خلافا للمبادئ النقدية السليمة، تغادر الولايات المتحدة وتهيم في أسواق البلدان الأخرى‏،‏ ليعود رأس المال الأميركي المصدر على الولايات المتحدة بأرباح هائلة لا أساس اقتصاديا لها على حساب بقية بلدان العالم‏.
وبقي الأمر كذلك حتى نهاية التسعينيات، عندما اصطدم الأميركيون بصعوبة إيجاد أسواق جديدة يُصدّر إليها رأسمالهم المتراكم في ظل بدء تنامي اقتصادات الدول النامية وبلدان "بريك" - البرازيل وروسيا والهند والصين. حينئذ بدأت الأموال الفائضة تتجمع في القطاع المالي، حيث كانت تنتفخ "الفقاعات المالية"، وتنفجر أحيانا، كما حدث عام 2000 عندما انهارت سوق المعلوماتية للشركات الأميركية العاملة في تقديم خدمات الإنترنت.  
لقد قالها الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قبل نحو أسبوع، وهو رئيس إحدى الدول الرأسمالية في العالم، إنّ "عهد اقتصاد السوق الحرة نتهى إلى غير رجعة"، وإنّ "العولمة قادت إلى وضعية سيطرت فيها أسواق المال على كل أشكال الاقتصاد، ويجب العثور على حل لهذا الموضوع".
على ما يبدو، فإنّ أسباب انهيار النظام المالي الأمرريكي، ومعه ذلك العالمي، الرأسمالي، موجودة في هذه الأزمة، وعلى ما يبدو فإنّ "الحل" الذي وضعه المشرّعون الأمريكيون، لن ينجح في وقف هذا الانهيار. إنّ غدًا لناظره قريب.

الأحد 5/10/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع