اسكندر حبش -السفير- : هي ذكراه الوحيدة، التي استطاعت أن تجمع هذا الحشد في أرجاء »معرض بيروت للكتاب الفرنكوفوني«. حتى ولو كانت الكلمات التي ألقيت قد جاءت بلغة غير لغته الأم، مثل بعض الترجمات لقصائده، إلا أن ثمة جاذبية لمحمود درويش لا تزال تفعل سحرها. فالأمسية المخصصة بتحيته، جمعت وحدها جمهورا يفوق بعدده عددا كبيرا من الجمهور الآخر الذي تابع الندوات الأخرى، طيلة المعرض. ربما من هنا، علينا أن نفهم مدى تحول درويش إلى أكثر من شاعر ورمز. ربما تحول هو نفسه إلى وطن استطاع فعلا أن يدعو الجميع إلى زيارته والإقامة فيه. ربما ليست فلسطين هي فعلا استعارة الألم البشري فقط، بل أيضا بلد لا يقف ـ في العمق ـ إلا داخل الكلمات المنسوجة.
الكلمة الأولى لجيرار مودال الذي قدّم المنتدين: فاروق مردم بيه والياس خوري والياس صنبر. الذين تناوبوا على تقديم وجوه درويش، التي تجتمع في النهاية لتشكل هذه القامة الإنسانية والشعرية المتفردة. مردم بيه تحدث عن مكانة درويش في الثقافة الشعرية العربية والعالمية الراهنة، بينما قدم الياس خوري كلمة خاصة تنطلق من علاقة الصداقة بالشاعر الراحل وعبرها رسم صورة عامة لدرويش، بينما ركز صنبر على الترجمة إلى الفرنسية كما على الجانب الفلسطيني الذي يجمعه بالراحل.
بعدها قراءات لكل من مردم بيه والياس خوري بالعربية، في حين قرأ صنبر ترجماته لدرويش التي صدرت في منشورات »أكت ـ سود
العودة إلى حُسن الغريب
أمسية الزميل عباس بيضون في قاعة الـ »أغورا« كانت تحت عنوان ملتبس »عودة إلى الآداب الأجنبية الجميلة«، التي كان لبنان ضيفها منذ عام في فرنسا. العنوان الملتبس ساهم في ضآلة الحضور. جيرار مودال، مقدم الحوار، الذي كان التقى بالزميل الشاعر في لوديف ذكر بهذا اللقاء القديم وفي تقديمه له. كانت البداية قراءة للقصائد بالعربية، كما قرأت مادونا أيوب ـ مترجمة معظم أنطولوجيا الشاعر الصادرة بالفرنسية في »أكت ـ سود« بعنوان »مدافن زجاجية« ـ الترجمة الفرنسية. بعد ذلك كانت أسئلة حول تجربة الآداب الأجنبية الجميلة التي أجاب عنها بأنها وضعته في عالم الكتاب وأمام القارئ الافتراضي. سؤال آخر حول انشغال الشاعر بالمدن أجاب عنه بأن المدينة هي عبارة عن »أنا« كبيرة وأن المدن فضاء سحري. وقال الشاعر إن مترجميه أصدقاء والترجمة بحد ذاتها كانت فعل صداقة. وأنه ليس رحالة إلا بالقوة، وأن كتب قصائده عن المدن بمحض المصادفة، وإن بدأ بقصيدة عن صور لكنه لم يستطع الكتابة عن بيروت إلا في نهاية المطاف.
الترجمة الأدبية
من أواخر الندوات التي شهدها المعرض في يومه الأخير، ندوة حول الترجمة الأدبية بالإضافة إلى التعريف بمشروع »تراد أراب« الذي تعمل عليه البعثة الثقافية الفرنسية في بيروت والخاص بترجمة الأدب الفرنسي إلى اللغة العربية.
الندوة أدارها مارك دوغا، مسؤول »الميدياتيك« في المركز الثقافي الفرنسي كما المسؤول عن معرض الكتاب الفرنكوفوني، الذي قدم المحاضرين وهم زهيدة درويش جبور وجيزيل رياشي والزميل إسكندر حبش.
تحدثت زهيدة درويش عن حركة الترجمة من الفرنسية إلى العربية بشكل عام، مقدمة نظرتها إلى بعض الصعوبات التي قد تعترض المترجمين، مثلما تحدثت عن موقع الترجمة وعن تجربتها في هذا المجال، وبخاصة انها تكتب باللغتين.
جيزيل رياشي تحدثت عن عملية المثاقفة والتثاقف عبر الترجمة، وعن الأفق الذي تفتحه أمام القارئ، من خلال اكتساب وعي إضافي.
أما الزميل حبش فتحدث عن الترجمة الشعرية ونظرته إليها. بعدها تحدث دوغا عن مشروع تراد أراب، قبل أن يفتح باب النقاش أمام المدعوين، والذي شهد تجاوبا كبيرا من قبل الحضور.
يذكر أن النهار الأخير من المعرض شهد الإعلان عن جائزة فينيكس التي حازها الكاتب اللبناني رامي الزين عن كتابه »دمار السماء«، وهي جائزة سنوية تمنح لكاتب لبناني، ويشرف عليها ألكسندر نجار. وستسلم الجائزة في شهر كانون الأول المقبل في حفل يقام في الفرع الرئيسي لبنك عودة (الراعي الرسمي) لهذه الجائزة.
إ.ح.
الثلاثاء 4/11/2008